بنية كتاب سفر التكوين

يقسم سفر التكوين عادة قسمين

القسم الأول سفر التكوين من الفصل 1 - 11 يبحث في موضوع أوائل البشرية في الكون الذي خلقه الله

القسم الثاني سفر التكوين من الفصل 12 - 50 يروي سيرة الآباء وينقسم إلى ثلاث حلقات من الروايات تتعلق بإبراهيم سفر التكوين من الفصل 12 - 25 واسحق ولا سيما يعقوب سفر التكوين من الفصل 26 - 36 ويوسف سفر التكوين من الفصل 37 - 50

على هذا التقسيم العمودي السهل الذي يبرز محتوى سفر التكوين قد يفضل البعض التقسيم الأفقي الذي يبين كيف تألف السفر من العهد القديم من عدة طبقات تمتد إلى ما بعد تكوين الفصل 50 وكيف اعتمد في صيغته الحالية تقاليد محتلفة تسمى اليهوي والايلوهي والكهنوتي وقد تراكبت على مر العصور كما يظهر ذلك في أسفار التوراة كلها

ما يمكننا أن نسميه أقدم سفر للتكوين أي المستند اليهوي يكفينا للاطلاع على بنية الكتاب الحالي فاليهوي يرينا كيف أن الله صنع الانسان من التراب وأقامه بين النبات والحيوان لكن الانسان أصغى إلى أصوات غير صوت الله فحرم من جنة عدن وتحتم عليه أن يعيش في الألم والخجل والشقاق تكوين الفصول 2 ، 4

وحاولت البشرية أن تؤلف وحدتها ففشلت تكوين فصل 11 لكن الله أعد وحقق تجمع البشر الحقيقي فخلص نوحاً من الطوفان تكوين الفصول 6 ، 9 ودعا ابراهيم ليبارك بواستطه جميع الأمم تكوين 12 وذهب ابراهيم من مكان إلى مكان ومن مقدس إلى مقدس ونال بركات الله وكان عربونها مولد اسماعيل سفر التكوين الفصل 16 واسحق سفر التكوين من الفصل 18 - 20

وتختم حلقة ابراهيم بزواج اسحق من أحدى قريباته من بلاد أرام في ما بين النهرين سفر التكوين فصل 24

التقاليد عن وريث ابراهيم غير كثيرة وهي أقل بروزاً وأن كانت أكثر تأصلاً في في الأرض والتاريخ من تقاليد أبيه سفر التكوين الفصل 26

فشخصية اسحق تسودها منذ البدء شخصية يعقوب جد الأسباط الاثني عشر الذي يوحدها تحت اسم اسرائيل

ويعقوب وهو الرجل الذي ظل يصارع الله والناس طوال حياته يعيش أجمالاً خارج أرض الميعاد سفر التكوين الفصل 32

فهو في نزاع دائم تارة مع الآراميين الذين تنتسب إليهم نساؤه وتارة مع عيسو جد أدوم الشعب الشقيق لاسرائيل وتارة مع سكان كنعان تكوين فصل 34 ثم يموت في مصر

وينتهي سفر التكوين بسيرة بني يعقوب ويمثل يوسف الدور الرئيسي إلى جانب يهوذا فسيتقبل اخوته في مصر وينقذهم من المجاعة سفر التكوين الفصل 49

ولن يلبث يوسف أن يموت هو أيضاً سفر تكوين الفصل 50 تاركاً ذويه في أرض سوف يذوقون فيها عبودية مرة وسيكون تحريرهم موضوع السفر التالي أي سفر الخروج

فالرواية اليهوية العائدة ولا شك إلى زمن المملكة التي أسسها داود وورثها سليمان كانت أول صيغة أدبية لتقاليد محلية وعشائرية تذكر أسباط اسرائيل بمواعد إله ابراهيم وبما يعترض طريق إنجازها من عقبات

ان انشقاق شعب الله والأيام العصيبة التي خلفت ذلك الانشقاق قد طرحت على اسرائيل مشاكل جديدة فرضت عليه أن يستكمل تاريخ الآباء إن لن نقل أن يعيد النظر فيه والتقليد الايلوهي ليس إلا طبقة ثانية يصعب تحديد سعتها وأهميتها وأسلوبه أكثر اعتدالاً وأقل تفاؤلاً من التقليد السابق

فالله قليل التدخل مباشرة في شؤون البشرية والطاعة هي أول ما يتوقعه من خدامه وقد تمت عن يد أوساط الكهنة المنفيين إلى ما بين النهرين إعادة نظر جديدة في مآثر الآباء فرضها سقوط أورشليم الأليم في العام 587 قبل الميلاد

فالرواية الكهنوتية ذات الطابع المجرد تتناول ما في العمل الالهي من وجوه ثقافية وشرعية وتشدد على عهد لابراهيم سفر التكوين الفصل 17 أي العهد التابع للعهخد المقطوع لنوح راجع سفر التكوين الفصل 9 والممهد لعهد سيناء

وهي تعطي سفر التكوين إطاره النهائي جاعلة من خلق العالم بداية التاريخ المقدس إنها تبرز تواصل مصير البشرية بفضل المعلومات النسبية والزمنية وتكشف في الوقت نفسه عن مختلف مراحها المميزة بعهود أو بانظمة خاصة تمكن اسرائيل من خلق العالم إلى نوح ومن نوح إلى أبراهيم من أن يصبح في وسط الأمم ذلك الشعب الذي يؤدي لله الواحد عبادة حقيقية

اعداد الشماس سمير كاكوز

تعليقات