سفر التكوين 1 / 1 - 32 الرواية الأولى لخلق العالم
في البدء خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خاوية خالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرف على وجه المياه وقال الله ليكن نور فكان نور ورأى الله أن النور حسن وفصل الله بين النور والظلام وسمى الله النور نهارا والظلام سماه ليلا وكان مساء وكان صباح يوم أول وقال الله ليكن جلد في وسط المياه وليكن فاصلا بين مياه ومياه فكان كذلك وصنع الله الجلد وفصل بين المياه التى تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد وسمى الله الجلد سماء وكان مساء وكان صباح يوم ثان وقال الله لتتجمع المياه التي تحت السماء في مكان واحد وليظهر اليبس فكان كذلك وسمى الله اليبس أرضا وتجمع المياه سماه بحارا ورأى الله أن ذلك حسن وقال الله لتنبت الأرض نباتا عشبا يخرج بزرا وشجرا مثمرا يخرج ثمرا بحسب صنفه بزره فيه على الأرض فكان كذلك فأخرجت الأرض نباتا عشبا يخرج بزرا بحسب صنفه وشجرا يخرج ثمرا بزره فيه بحسب صنفه ورأى الله أن ذلك حسن وكان مساء وكان صباح يوم ثالث وقال الله لتكن نيرات في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل وتكون علامات للمواسم والأيام والسنين وتكون نيرات في جلد السماء لتضيء على الأرض فكان كذلك فصنع الله النيرين العظيمين النير الأكبر لحكم النهار والنير الأصغر لحكم الليل والكواكب وجعلها الله في جلد السماء لتضيء على الأرض لتحكم على النهار والليل وتفصل بين النور والظلام ورأى الله أن ذلك حسن وكان مساء وكان صباح يوم رابع وقال الله لتعج المياه عجا من ذوات أنفس حية ولتكن طيور تطير فوق الأرض على وجه جلد السماء فخلق الله الحيتان العظام وكل متحرك من كل ذي نفس حية عجت به المياه بحسب أصنافه وكل طائر ذي جناح بحسب أصنافه ورأى الله أن ذلك حسن وباركها الله قائلا انمي وآكثري واملإي المياه في البحار ولتكثر الطيور على الأرض وكان مساء وكان صباح يوم خامس وقال الله لتخرج الأرض ذوات أنفس حية بحسب أصنافها بهائم وحيوانات دابة ووحوش أرض بحسب أصنافها فكان كذلك فصنع الله وحوش الأرض بحسب أصنافها والبهائم بحسب أصنافها وجميع الحيوانات التي تدب على الأرض بحسب أصنافها ورأى الله أن ذلك حسن وقال الله لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا وليتسلط على أسماك البحر وطيور السماء والبهائم وجميع وحوش الأرض وجميع الحيوانات التي تدب على الأرض فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وأنثى خلقهم وباركهم الله وقال لهم انموا واكثروا وأملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على أسماك البحر وطيور السماء وكل حيوان يدب على الأرض وقال الله ها قد أعطيتكم كل عشب يخرج بزرا على وجه الأرض كلها وكل شجر فيه ثمر يخرج بزرا يكون لكم طعاما ولجميع وحوش الأرض وجميع طيور السماء وجميع ما يدب على الأرض مما فيه نفس حية أعطيت كل عشب أخضر مأكلا فكان كذلك ورأى الله جميع ما صنعه فاذا هو حسن جدا وكان مساء وكان صباح يوم سادس
+++++
الرواية الأولى لخلق العالم تنسب هذه الرواية إلى المصدر الكهنوتي وهي أكثر صبغة تجريدية ولاهوتية من الرواية التالية لأنها تهدف الى تزويدنا بتنصيف منطقي وواف للمخلوقات وفقاً لخطة مدروسة وفي اطار اسبوع ينتهي باستراحة السبت فالكائنات تأتي إلى الوجود بنداء من الله بحسب ترتيب يزداد مقاماً حتى يصل إلى الانسان صورة الله وملك الخليقة والنص يستند إلى علم لا يزال في عهد الطفولة فلا حاجة إلى التفنن في إقامة التوافق بين هذه الصور وعلومنا العصرية بل يجب أن نرى في هذه الصيغة المتأثرة بطابع زمنها تعليماً موحى ذا قيمة دائمة عن الله الواحد والمتعالي والكائن قبل العالم والخالق ( تلك هي نشأة السموات والأرض حين خلقت يوم صنع الرب الاله الأرض والسموات لم يكن في الأرض شيح الحقول ولم يكن عشب الحقول قد نبت لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض ولم يكن فيها إنسان ليحرث الأرض وكان يصعد منها سيل فيسقي كل وجهها وجبل الرب الإله الإنسان ترابا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار الإنسان نفسا حية وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا وجعل هناك الإنسان الذي جبله وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة حسنة المنظر وطيبة المأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر وكان نهر يخرج من عدن فيسقي الجنة ومن هناك يتشعب فيصير أربعة فروع اسم أحدها فيشون وهو المحيط بكل أرض الحويلة حيث الذهب وذهب تلك الأرض جيد هناك المقل وحجر الجزع واسم النهر الثاني جيحون وهو المحيط بكل أرض الحبشة واسم النهر الثالث دجلة وهو الجاري في شرقي أشور والنهر الرابع هو الفرات وأخذ الرب الإله الإنسان وجعله في جنة عدن ليفلحها ويحرسها وأمر الرب الإله الإنسان قائلا من جميع أشجار الجنة تأكل وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها فإنك يوم تأكل منها تموت موتا وقال الرب الإله لا يجب أن يكون الإنسان وحده فلأصنعن له عونا يناسبه وجبل الرب الإله من الأرض جميع حيوانات الحقول وجميع طيور السماء وأتى بها الإنسان ليرى ماذا يسميها فكل ما سماه الإنسان من نفس حية فهو آسمه فأطلق الإنسان أسماء على جميع البهائم وطيور السماء وجميع وحوش الحقول وأما الإنسان فلم يجد لنفسه عونا بناسبه فأوقع الرب الإله سباتا عميقا على الإنسان فنام فأخذ إحدى أضلاعه وسد مكانها بلحم وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من الإنسان امرأة فأتى بها الإنسان فقال الإنسان هذه المرة هي عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تسمى امرأة لأنها من آمرئ أخذت ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران جسدا واحدا وكانا كلاهما عريانين الإنسان وامرأته وهما لا يخجلان ) سفر التكوين 2 / 4 - 25
في البدء خلق الله السموات والأرض أو بحسب ترجمة مختلفة لما بدأ الله خلق السموات والأرض كانت الأرض خالية خاوية غير أن الترجمة التي اعتمدناها هي أكثر مراعاة لترابط الأفكار في هذا النص وهي التي اعتمدنا أكثر المترجمين في الماضي في هذه الآية يبدو عمل الله الخلاق وكأنه تنظيم الخواء الأصلي فلا يحسن بنا أن ندخل هما مفهوم الخلق من لا شيء الميتافيزيقي لأن هذا المفهوم لن يرد قبل في ( أسألك يا ولدي أن آنظر إلى السماء والأرض وإذا رأيت كل ما فيهما فآعلم أن الله صنعهما من العدم وأن جنس البشر هو كذلك ) سفر المكابيين الثاني ) ومع ذلك فان النص الحالي يثبت أن العالم كان له بداية فليس خلق العالم باسطورة لازمنية بل هو مندمج في التاريخ وهو نشأته المطلقة
كانت الارض خاوية خالية في الأصل العبري طوهو بوهو أي قفراً وفراغاً وهذه الصورة ذات طابع سلبي لمفهوم الخلق من لا شيء
روح الله هو ما يجعل حياة الانسان وحياة جميع الكائنات ممكنة وقد فسر بعضهم هذا الروح بالعاصفة أو الروح القدس ( ترسل روحك فيخلقون وتجدد وجه الأرض ) مزمور 104 / 30
النور والظلام خليقة أبدعها الله يعكس الظلام الذي يرمز إلى السلبية ولقد ورد النور قبل غيره لأن تعاقب النهار والليل سيكون الإطار الذي يتم فيه عمل الخلق
ليكن جلد كان جلد السماء الظاهر عند الساميين الأولين عبارة عن قبة متينة تحبس المياه المجتمعة فوقها ومن كواها سيسل الطوفان ( في السنة الست مئة من عمر نوح في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر منه في ذلك اليوم تفجرت عيون الغمر العظيم وتفتحت كوى السماء ) سفر التكوين 7 / 11
وصنع الله الجلد إلى الخلق بالقول قال الله يضاف الخلق بالفعل صنع الله الجلد والكواكب وحيوانات الأرض والانسان فالمؤلف الكهنوتي يدخل هكذا في مفهومه لخلق العالم وهو أشد صبغة روحانية تقليداً قديماً يوازي تقليد الرواية الثانية أعلاه حيث يصنع الله السماء والأرض والانسان والحيوانات
النيرين العظيمين أهمل المؤلف ذكر اسمهما عمداً فالشمس والقمر اللذان تؤلههما جميع الشعوب المجاورة هما مجرد نيرين يضيئان الأرض ويحددان تعاقب الأيام والسنين
لنصنع الانسان قد يدل هذا الجمع على تداول بين الله وبلاطه السماوي هكذا فهمته الترجمة اليونانية السبعينية وبعدها اللاتينية في ترجمة ولعل هذا الجمع عبارة عن جلال الله والمعروف ان اسمه العبري ايلوهيم هو في صيغة الجمع وقد رأى آباء الكنيسة في هذا الجمع أول تلميح إلى الثالوث الأقدس ( فالله عالم أنكما في يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتصيران كآلهة تعرفان الخير والشر وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا فيعرف الخير والشر فلا يمدن الآن يده فيأخذ من شجرة الحياة أيضا وياكل فيحيا للأبد ) سفر التكوين 3 / 5 - 22 ( دون الإله حططته قليلا بالمجد والكرامة كللته ) مزمور 8 / 6 ( حططته قليلا دون الملائكة وكللته بالمجد والكرامة ) رسالة العبرانيين 2 / 7
على صورتنا كمثالنا يبدو أن عبارة كمثالنا تخفف من معنى كلمة صورتنا فتنافي المساواة ولفظ صورة المحسوس ينطوي على تشابه مادي كما هو بين آدم وابنه وعلاقة الانسان مع الله تميزه عن الحيوانات وهي تفترض أيضاً وجود تشابه عام في الطبيعة عقل وإرادة وقدرة فالانسان هو شخص وأخيراً تمهد هذه العلاقة لوحي أسمى وهو الاشتراك في طبيعة واحدة الطبيعة الإلهية بالنعمة ( عاش آدم مئة وثلاثين سنة وولد ولدا على مثاله كصورته وسماه شيتا ) سفر الكوين 5 / 3
سفر ايوب الفصل الثامن والثلاثون
فأجاب الرب أيوب من العاصفة وقال من هذا الذي يسود تدبيري بأقوال ليست من العلم بشيء؟شد وسطك وكن رجلا إني سائلك فأخبرني أين كنت حين أسست الأرض؟تكلم إن كنت عالما بالفطنة من وضع مقاديرها إن كنت تعلم أم من مد الحبل عليها؟ على أي شيء غرزت قواعدها أم من وضع حجر زاويتها إذ كانت كواكب الصبح ترنم جميعا وكل بني الله يهتفون؟ومن حجز البحر بمصراعين حين اندفع خارجا من الرحم إذ جعلت الغمام لباسا له والغيم المظلم قماطا وفرضت عليه حكمي وجعلت له مغاليق ومصراعين وقلت إلى هنا تأتي ولا تتعدى وهنا يقف طغيان أمواجك؟أأنت في أيامك أمرت الصبح وعرفت الفجر مكانه ليأخذ بأطراف الأرض فينفض الأشرار عنها؟تتحول كطين الخاتم فيقوم كل شيء كأنه مكسو بالثياب ويحرم الأشرار نورهم وتحطم الذراع المرتفعة هل وصلت إلى ينابيع البحر أم جلت في أعماق الغمر؟هل كشفت لك أبواب الموت أم عاينت أبواب ظلال الموت؟هل أحطت بعرض الأرض؟أخبر إن كنت عالما بكل ذلك أين الطريق إلى مقرا النور؟والظلمة أين موضعها لتذهب بهما إلى أرضهما وتعرف طرق مسكنهما تعرفها لأنك كنت قد ولدت وعدد أيامك كثير هل وصلت إلى مخازن الثلج أم عاينت مخازن البرد التي ادخرتها لأوان الشدة ليوم الحرب والقتال؟بأي طريق يتوزع النور وتنتشر الريح الشرقية على الأرض؟أن شق قناة لوابل المطر وطريقا لقصف الرعد ليمطر على أرض لا إنسان فيها على قفر لا بشر فيه ليروي القفار المقفرة وينبت فيها العشب؟هل من أب للمطر أم أن ولد قطرات الندى؟من بطن من خرج الجليد ومن ولد صقيع السماء؟تتجمد المياه كالحجارة ويتماسك وجه الغمر أأنت تشد عقد الثريا أم أنت تحل حبال الجوزاء؟أتطلع النجوم في أوقاتها وتهدي النعش مع بناته؟هل علمت أحكام السموات أم جعلت لها سلطانا على الأرض؟أترفع صوتك إلى الغيوم فيغطيك غمر ماء؟أترسل البروق فتنطلئ وتقول لك لبيك أن وضع الحكمة في أبي المنجل أم من أعطى الديك الفطنة؟من يحصي الغيوم بحكمته ومن يميل زقاق السموات إذ يتلبد التراب ويتلاصق المدر؟أتصطاد للبؤة فريستها وتشبع شهية أشبالها حين تربض في العرائن وتقعد في أجمتها كامنة؟من يرزق الغراب صيده إذ تنعب فراخه إلى الله وتهيم لعوز القوت؟
سفر ايوب الفصل التاسع والثلاثون
هل علمت متى تلد وعول الصخور أم رقبت مخاض الأيائل؟هل حسبت أشهر حملها وعلمت أوان وضعها؟تجثم فتدفع أولادها وتتخلص من مخاضها ثم تقوى أولادها وتكبر وتخرج إلى البرية ولا تعود إليها من أطلق سراح حمار الوحش ومن حل وثق الأخدري؟جعلت البرية بيته والأرض المالحة مساكنه يضحك على جلبة المدن ولا يسمع صياح الحمار يرتاد مرعاه في الجبال ويلتمس كل خضر أيرضى الثور الوحشي أن يخدمك أم يبيت عند معلفك؟أتربطه بحبل إلى خط المحراث أم يمشط الأودية وراءك؟أتتكل على قوته العظيمة وتفوض إليه أعمالك؟أتأتمنه أن يستغل ما زرعت ويجمع بيدرك؟جناح النعامة يرفرف ولا يضاهي قوادم اللقلق وريشها فإنها تترك بيضها على الأرض وتحضنه على التراب وتنسى أن الرجل تطأه وأن وحش البرية يدوسه تقسو على فراخها كأنها ليست لها فلا تأسف من ضياع تعبها لأن الله أذهب عنها الحكمة ولم يرزقها الفهم لكن إذا ارتفعت إلى العلو تضحك على الفرس وراكبه أأنت الذي يعطي الفرس قوة ويقلد عنقه ارتعاشا ويوثبه كالجراد؟إن مهابة صهيله تفزع يكدف في الوادي ويمرح نشاطا ويقتحم للقاء السلاح يضحك على الذعر ولا يرهب ولا ينهزم من السيف تصلصل عليه الجعبة وسنان الرمح والمزراق في هيجانه وفوره يلتهم الأرض ولا يملك نفسه إذا هتف البوق إذا نفخ في البوق يقول ها ويسشعر القتال عن بعد وصياح القواد والهتاف أبفطنتك يطير البازي في الجو ويبسط جناحيه نحو الجنوب أم بأمرك يحلق العقاب لو يجعل وكره في العلاء؟مسكنه الصخر وفيه مبيته وعلى أنف الصخر معقله من هناك يبحث عن قوته وعيناه تريانه من بعيد فراخه تعب الدماء وحيثما كانت القتلى فهناك يكون
اعداد الشماس سمير كاكوز
تعليقات
إرسال تعليق